هُناك سؤال يتبادر إلى ذهن الإنسان في ساعة صفاء، وفي حالة التفكر في نفسه، لماذا خلقت؟ وما هي الغاية من خلقي؟ هذا السؤال كان مدار البحث والتفكير عند الفلاسفة لم يهتدوا إلى رأي ثابت في حل أسراره.
والقرآن الكريم، كلام رب العزة، يجيب على هذا السؤال ويوضح أن الغاية من خلق الإنسان هي إخلاص العبادة لله سبحانه. نقرأ قوله تعالى:
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
وقوله تعالى:
(ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ)
فالعبادة بهذا المعنى هي وظيفة الإنسان الوجودية التي خلقه الله من أجلها.
ماهي حقيقة العبادة؟
والقرآن الكريم، كلام رب العزة، يجيب على هذا السؤال ويوضح أن الغاية من خلق الإنسان هي إخلاص العبادة لله سبحانه. نقرأ قوله تعالى:
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
وقوله تعالى:
(ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ)
فالعبادة بهذا المعنى هي وظيفة الإنسان الوجودية التي خلقه الله من أجلها.
ماهي حقيقة العبادة؟
إن مادة العبادة في اللغة تدل على الخضوع والتذلل والطاعة، عبدالله تعالى يعبده عبادة وعبودية طاع له وخضع وذل والتزم شرائع دينه.
أما في اصطلاح الشرع فقد عرفها الجرجاني في تعريفاته بأنها فعل المكلف على خلاف هوى نفسه تعظيما لربه، ومن هنا فإن العبادة من مستلزمات الإيمان بالله، لأن الله الذي نؤمن بوجوده جدير بالطاعة والامتثال، والإيمان الذي يدعو إليه الإسلام هو الإيمان الصادق الفاعل، إذ الإيمان ليس مجرد إدراك ذهني أو تصديق قلبي غير متبوع بأمر عملي في الحياة، إنما الإيمان الصادق المؤثر هو اعتقاد وعبادة وعلم وعمل وإخلاص.
ما علاقة الفطرة الإنسانية بالعبادة؟
أما في اصطلاح الشرع فقد عرفها الجرجاني في تعريفاته بأنها فعل المكلف على خلاف هوى نفسه تعظيما لربه، ومن هنا فإن العبادة من مستلزمات الإيمان بالله، لأن الله الذي نؤمن بوجوده جدير بالطاعة والامتثال، والإيمان الذي يدعو إليه الإسلام هو الإيمان الصادق الفاعل، إذ الإيمان ليس مجرد إدراك ذهني أو تصديق قلبي غير متبوع بأمر عملي في الحياة، إنما الإيمان الصادق المؤثر هو اعتقاد وعبادة وعلم وعمل وإخلاص.
ما علاقة الفطرة الإنسانية بالعبادة؟
العبادة تعبير صادق عن مطالب الفطرة السليمة، يقول تعالى:
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ).
ومعنى فطر الناس على الدين الحنيف أن الله خلق الناس قابلين لأحكام هذا الدين، وجعل تعاليمه مناسبة لخلقتهم غير مجافية لها، غير نائين عنه ولا منكرين له مثل إثبات الوحدانية لله لأن التوحيد هو الذي يساوق العقل والنظر الصحيح حتى لو ترك الإنسان وتفكيره ولم يلقَّن اعتقاداً ضالاً لاهتدى إلى التوحيد بفطرته.
إن هذا الدين الحنيف الذي أمر الإنسان بإقامة الوجه نحوه مناسب في عقائده وشرائعه وقيمه الخلقية مع حاجات النفس البشرية، لا يجافيها ولا يعارضها.
وإلى هذا المعنى أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:
“كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ عَلَى الْفِطْرَةِ”، فالمولود يولد على الفطرة متهيئاً للإيمان الحق والدين القيم، إلا أن للبيئة الاجتماعية تأثيراً في نحت شخصيته وتكوين ذاته فينحرف الإنسان عن دينه وينؤو عن عبادة ربه وطاعة أوامره، يقول تعالى في الحديث القدسي:
“خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا”.
الكائن المركب
فإذا تأملنا هذا الكائن المركب من عنصرين مختلفين، وجدناه بما هو مادة مفطور في أصل خلقته على أحاسيس تدفعه إلى تحقيق ذاته وبناء توافقه مع العالم الخارجي، فكل مجتمع بحاجة إلى قوة روحية ترفع من نفسية الأفراد على وجه الاستمرار إلى مثل عليا، والعبادة هي التي تمد الناس بالقوى الروحية التي لابد منها لصلاح المجتمع.
فالإسلام لم يعتبر الإنسان روحا خالصاً ولا جسماً فقط إنما اعتبره مزيجاً من الاثنين وهو جسم وروح معاً، وشرع من التشريعات ما يعطي للروح إشعاعها ونموها وصفاءها، وما يعطي أيضاً للجسد مطالبه، فأقام تعادلا بين مطالب البدن والروح وتوفيقاً بين التركيبتين.
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ).
ومعنى فطر الناس على الدين الحنيف أن الله خلق الناس قابلين لأحكام هذا الدين، وجعل تعاليمه مناسبة لخلقتهم غير مجافية لها، غير نائين عنه ولا منكرين له مثل إثبات الوحدانية لله لأن التوحيد هو الذي يساوق العقل والنظر الصحيح حتى لو ترك الإنسان وتفكيره ولم يلقَّن اعتقاداً ضالاً لاهتدى إلى التوحيد بفطرته.
إن هذا الدين الحنيف الذي أمر الإنسان بإقامة الوجه نحوه مناسب في عقائده وشرائعه وقيمه الخلقية مع حاجات النفس البشرية، لا يجافيها ولا يعارضها.
وإلى هذا المعنى أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:
“كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ عَلَى الْفِطْرَةِ”، فالمولود يولد على الفطرة متهيئاً للإيمان الحق والدين القيم، إلا أن للبيئة الاجتماعية تأثيراً في نحت شخصيته وتكوين ذاته فينحرف الإنسان عن دينه وينؤو عن عبادة ربه وطاعة أوامره، يقول تعالى في الحديث القدسي:
“خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا”.
الكائن المركب
فإذا تأملنا هذا الكائن المركب من عنصرين مختلفين، وجدناه بما هو مادة مفطور في أصل خلقته على أحاسيس تدفعه إلى تحقيق ذاته وبناء توافقه مع العالم الخارجي، فكل مجتمع بحاجة إلى قوة روحية ترفع من نفسية الأفراد على وجه الاستمرار إلى مثل عليا، والعبادة هي التي تمد الناس بالقوى الروحية التي لابد منها لصلاح المجتمع.
فالإسلام لم يعتبر الإنسان روحا خالصاً ولا جسماً فقط إنما اعتبره مزيجاً من الاثنين وهو جسم وروح معاً، وشرع من التشريعات ما يعطي للروح إشعاعها ونموها وصفاءها، وما يعطي أيضاً للجسد مطالبه، فأقام تعادلا بين مطالب البدن والروح وتوفيقاً بين التركيبتين.
للعبادة أهداف وأبعاد، ما هي تجليات العبادة على الفرد والمجتمع؟
التوازن بين البعد الروحي والجسماني
التوازن بين البعد الروحي والجسماني
التوازن والاعتدال بين الروحية والمادية هو توجيه رباني دعا إليه الدين الحنيف ليصلح ما أفسدته الأمم السابقة في خصوص هذه العلاقة، فالقرآن الكريم يدعونا إلى إقامة التوازن العادل بين مطالب الروح ومقتضيات التركيب الجسماني، يدعونا إلى عبادة الله وحده، هذه العبادة التي تفتح الأمل وتوسع على الإنسان الحياة وتطلق النفس من قيودها المادية، فتتعالى على الشهوات، هذه العبادة التي تجعل الإنسان قريباً من ربه محبوباً عنده ينعم بالسعادة النفسية والطمأنينة، فالاتصال بالله هو عماد الحياة الروحية ومنبع كل طمأنينة نفسية، ومصدر كل سعادة مصداقاً لقوله تعالى:
(الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
المؤمن المتزن
هذه العبادة التي تجعل الفرد سيد المادة لا عبدا لها، حراً طليقاً لا أسيراً لشهواته وأهوائه، يستمتع بالحياة من غير إسراف ويحيى حياة الاتزان، ويسلك سلوكاً يدل عل اتزانه العاطفي والعقلي في جميع مجالات الحياة، إذ إن الغرض من العبادة هو سلامة المؤمن المتزن في عقله وسلوكه، فعندما يختل ميزان الاعتدال تنفلت الشهوات من الرقابة الروحية.
ولو لم يكن للعبادة أثر في أخلاق الإنسان وتوازن طاقاته وصحته النفسية فذلك دليل على أنها شكل بلا روح، لا سلطان لها على القلب أو الإرادة التي تحرك الأعضاء والأعمال، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
“لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسْتَقِيمُ دِينَ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ، وَلا يَسْتَقِيمُ لِسَانُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ”.
بقلم د. سالم بن نصيرة
(الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
المؤمن المتزن
هذه العبادة التي تجعل الفرد سيد المادة لا عبدا لها، حراً طليقاً لا أسيراً لشهواته وأهوائه، يستمتع بالحياة من غير إسراف ويحيى حياة الاتزان، ويسلك سلوكاً يدل عل اتزانه العاطفي والعقلي في جميع مجالات الحياة، إذ إن الغرض من العبادة هو سلامة المؤمن المتزن في عقله وسلوكه، فعندما يختل ميزان الاعتدال تنفلت الشهوات من الرقابة الروحية.
ولو لم يكن للعبادة أثر في أخلاق الإنسان وتوازن طاقاته وصحته النفسية فذلك دليل على أنها شكل بلا روح، لا سلطان لها على القلب أو الإرادة التي تحرك الأعضاء والأعمال، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
“لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسْتَقِيمُ دِينَ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ، وَلا يَسْتَقِيمُ لِسَانُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ”.
بقلم د. سالم بن نصيرة