ما الذي يميز الحيوان الذي يعرف ذاته عن ذلك الذي يعرف الآخرين فقط؟

فالحيوانات المدركة لذواتها لا تكون فقط قادرة على تمييز الآخرين بل قادرة أيضا على استنتاج ما يدور في أذهان الغير ومعاملتهم بناء على ما يعرفونه أو ما يفكرون فيه. فمن الثابت أنك إذا وقفت أمام الشمبانزي وجها لوجه ونظرت إلى عينيه برهة ثم حولت بصرك فجأة إلى كتفه مثلا - وحتى من دون أن تحرك رأسك - فإن الشمبانزي يلتفت على الفور إلى كتفه وكأنه قرأ أفكارك وأراد أن يعرف ما الذي لفت نظرك هناك

إن الحيوانات المدركة لذواتها تملك أيضاً القدرة على التقمص العاطفي empathy، أي أنها تحس بمشاعر الآخرين وتقيس هذه المشاعر اعتماداً على خبرتها الذاتية، فتشعر بألم أقرانها مثلاً لأنها قد خبرت الألم من قبل، تماماً مثلما نتفهم نحن شعور إنسان جائع لأننا أنفسنا قد خبرنا الجوع من قبل.

يسجل العلماء عن إحدى إناث الشمبانزي أنها أعطيت مرآة بعد عام من الحياة بغير مرآة،وما أن نظرت في المرآة وفتحت فمها حتى بدت عليها علامات الحزن والكرب الشديدين،وذلك لأنها اكتشفت فقدان عدد من أسنانها، وهو أيضاً مثال لا دخل فيه لحركة جسم الحيوان، وإنما هو أشبه بأن تنظر في المرآة ذات صباح فتفاجأ بأن بعضا من شعرك قد سقط أو وخطه الشيب.

عندما يتخاصم اثنان من الشمبانزي، فإن أياً منهما لا يثق بإيماءات المسالمة التي قد يبديها خصمه قبل أن يتبادل الخصمان التحديق كل في عيني الآخر لبرهة من الوقت، وكأن الحيوان لا يطمئن إلى صدق خصمه في المصالحة ما لم يقرأ ذلك (شخصياً) في عينيه.
وقد أطلق على هذا العلم المستحدث (سيكولوجية الحيوان - عقل الحيوان).